الدين والتعبير المُفعم بالكراهية والعنف

هذه هي الصفحة الإلكترونية لمشروع مركز بحوث ودراسات القانون الدولي الذي يحمل عنوان «الدين والتعبير المُفعم بالكراهية والعنف». من خلال هذا الرابط، يمكنك الاطلاع مباشرةً ودون تحمل أي تكلفة على مذكرة المشروع المفاهيمية، وبرنامج المؤتمر، ومقاطع فيديو الكلمات الرئيسية والعروض الإيضاحية والبيانات الملقاة الأخرى، ومكتبة البودكاست التي تتضمن العروض الإيضاحية المقدمة في المؤتمر، ومقتطفات المشروع وغيره من المواد، عند توافرها. يسعى المشروع، بوصفه مشروعاً بحثياً متعدد التخصصات حظي بمشاركة أكثر من 30 خبيراً دولياً، إلى إنتاج معارف جديدة تتعلق بخطاب الكراهية المستند إلى الدين أو المرتبط به أو فهم الطبيعة الواقعية له (الجزء الثاني)؛ والعوامل التي تحفز على بث خطاب الكراهية هذا (الجزء الرابع)؛ والقانون الدولي والأطر المعيارية المهمة الأخرى التي تتصدى لهذه الأشكال من خطاب الكراهية (الجزء الثالث)؛ والتدابير الخارجة عن إطار الطوائف الدينية والداخلة فيها التي يمكن للقيادات الدينية من خلالها أن تعمل عموما على تحسين منع خطاب الكراهية الذي يبث باسم عقيدتهم أو الحد منه. ويرد أدناه عرض موجز لسياق المشروع والغرض منه، ويرد كذلك بمزيد من التفصيل في المذكرة المفاهيمية (التي تسرد أيضاً شركاء مركز بحوث ودراسات القانون الدولي في هذا المشروع، الممول من الحكومة النرويجية). ومن المتوقع أن نشر مقتطفات المشروع -وهي ـ أبرز مخرجات المشروع الملموسة- في أواخر عام 2022. وعلاوة على الأوراق البحثية المعروضة في مؤتمر فلورنسا، ستتضمن مقتطفات المشروع عدداً محدوداً من الفصول الإضافية.

حسبما جاء كما ينبغي في الورقة المفاهيمية للمشروع (مع ما يصاحبها من مصادر)، بدلاً من دفن الإله دفناً رسمياً بعد مرور ستة وستين عاماً من إعلان شخصية المجنون التي رسمها نيتشه موت الإله، صاغت دول العالم قاعدة وقائية بإعلانها أن: «لكل شخص [حقاً] في حرية [...] الدين»، ويشمل هذا الحق «حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة». وأقرت المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 بحرية الدين بوصفها قيمة مركزية من قيم النظام القانوني الدولي في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية. وتَرسَّخ هذا الحق في المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، إذ أصبح حجر زاوية في نظام القانون الدولي لحقوق الإنسان الناشئ، وأضحى حقاً أساسياً تماماً مثله مثل حرية التعبير التي تنص عليها المادة 19 من الإعلان العالمي (وتصقلها المادة 19(2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية)، وكلاهما حريتان منشأهما القوانين الوطنية لعدة دول، وكذلك نشأتا في كتابات بعض الفلاسفة. ويرسم العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الحدود أو القيود التي ينبغي أن تفرض على الحريتين حسب نص القانون مما تحتمه حماية المصالح العامة (النظام العام والصحة العامة والآداب العامة)، وكذلك المصالح الخاصة.

وتعترف المادة 20(2) من العهد بأن حرية الدين والتعبير على الملاً يمكن أن تؤدي إلى نشوء مخاطر اجتماعية محددة، إذ تنص على ما يلي: «تُحظَر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية [.. ] الدينية تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف». وإذا نظرنا إلى المعنى العادي لصيغتها وتاريخ التفاوض عليها، سنجد أن جوهر الحكم الذي تتضمنه يفرض على الدول الأطراف في العهد أن تحظر بالقانون صور التعبير المُفعم بالكراهية الدينية التي ترتقي إلى مستوى التحريض على العنف، والتي ترتكبها عناصر فاعلة دينية من غير الدول أيضاً. وبعض الدول الأطراف لا تعترف بأن عليها التزاماً يتمثل في إصدار تشريع بموجب هذا الحكم. وقد احتجت عناصر فاعلة أخرى بأنه ينبغي أن تشمل حقوق الإنسان حقاً يمتثل في الحماية من التحريض على الكراهية، باعتباره الوجه الآخر للالتزام بحظر التحريض. وتدخل المادة 20(2) في صميم هذا المشروع المعني بمشكلة الدعوة العامة إلى الكراهية الدينية (من العناصر الفاعلة الدينية أو باسم الدين) التي تشكل تحريضاً على العنف، ولا سيما في الحالات التي يكون فيها هذا العنف قد وقع بالفعل، أو يحتمل أن يقع، نتيجة للدعوة أو التحريض.

وإلى جانب حريتين أساسيتين، هما حريتا الدين والتعبير، والالتزام التعاهدي بحظر التحريض على العنف، يتضمن الفرع القانوني الشقيق لفرع حقوق الإنسان، ألا وهو فرع القانون الجنائي الدولي، بدوره تصنيفات قانونية دولية يمكن أن تنطبق على التحريض الديني على العنف. وتشمل تلك التصنيفات أشكال المسؤولية عن التحريض والأمر والاضطهاد الذي يشكل جريمة ضد الإنسانية.

ويعرض الجزء الثالث من هذا المشروع (انظر البرنامج، الذي يطابق جدول محتويات مقتطفات المؤتمر، باستثناءات قليلة) لمحةً عامةً عن إطار القانون الدولي المبين هنا (في القسم «د»)، علاوة على بعض الأُطر المعيارية الشاملة في مجالي الفلسفة والدين (القسم «هـ»). ونأمل أن يُضاف إلى مقتطفات المشروع مزيد من المساهمات، إضافة إلى تلك المشار إليها في الجلسة «هـ» من برنامج المؤتمر. وتناقش العروض الإيضاحية الرئيسية التي ستُقدَّم في الجزء الأول من البرنامج معضلات تحقيق التوازن بين الحفاظ على حرية التعبير الديني، ومنع خطاب الكراهية والتحريض على العنف.

ويركز المشروع على التعبير المُفعم بالكراهية في السياق الديني أو تلك المرتبطة به بطرق ترتقي إلى مستوى التحريض على العنف ومن شأنها أن تضع «الحوار المدروس القائم على الاحترام» تحت ضغوط شديدة الخطورة. لقد بات خطاب الكراهية باسم الدين الذي يؤدي إلى ارتكاب أعمال الإرهاب، أو غيرها من أشكال العنف، تحدياً يثير قلق المجتمع الدولي بأسره. وينبغي أن تسترشد المحاولات الجادة الرامية إلى مواجهة هذا التحدي بما يلي: (أ) التهديد الحقيقي (دون الافتراضات أو النظريات المتعلقة بخطاب الكراهية الدينية)، (ب) ومحاولة فهم العوامل الرئيسية التي تحفز على خطاب الكراهية هذا. وتحقيقاً لهذه الغاية، يشمل الجزء الثاني من هذا المشروع دراسات حالات لخطاب الكراهية ذي صلة بموضوع المشروع في ميانمار والهند ويوغوسلافيا السابقة، سعياً إلى تحديد الكلمات أو الأفعال الرمزية المستخدمة بدقة، ودلالاتها الثقافية، وغيرها من جوانب السياق المحلي.

ويستعرض الجزء الرابع العديد من العوامل المحفزة على ممارسة التعبير المفعم بالكراهية ذات الصلة (ومنها العوامل الشخصية والعوامل الظرفية، والتحيز والتمييز الاستعماريان، والعوامل الاجتماعية السياسية، والموضوعات الدينية)، وكيف يُساهم خطاب الكراهية في توفير البيئات التي تُفضي إلى ارتكاب الفظائع من خلال التأثير الاجتماعي. وتنظر الكلمة الرئيسية التي قدمها ديفيد ج. لوبان في الجزء الأول من المشروع أيضاً فيما إذا كان الدين في جوهره يحتوي على ما يجعله بيئة خصبة للتعبير المفعم بالكراهية المؤدي في نهاية المطاف إلى العنف.

ويستعرض الجزء الثالث من المشروع (إلى جانب العروض الإيضاحية الرئيسية في الجزء الأول) جنباً إلى جنب مع الجزأين الثاني والرابع، بالترتيب نفسه، الأساس والسياق المعياريين والوقائعيين والتفسيريين للجزء الخامس المتعلق بـ «التدابير المتاحة للحيلولة دون التعبير المفعم بالكراهية في الطوائف الدينية أو للحد منه». ويحاول الجزء الخامس التركيز على التدابير الخارجة عن إطار الطوائف الدينية (القسم «ز») والأخرى الداخلة فيه (القسم «ح»). ويتضمن مشروعنا، في المرحلة الحالية من إعداده، أوراقاً تتناول خمسة جوانب من التدابير الخارجية:

(1) الأنشطة والتوصيات المقدمة من المنظمات الحكومية الدولية (الورقة 25 في برنامج المؤتمر)؛

(2) القانون الوطني بوصفه أداة (الورقة 26)؛

(3) التنظيم المحلي وتنظيم المجتمع ذاتياً (الورقة 27)؛

(4) أنشطة المؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان (ورقة أعدتها إلينا أبروشي لمقتطفات المشروع)؛

(5) منظور غير حكومي للفاعلية النسبية للتدابير المتعددة الأطراف والثنائية (الورقة 28).

وتوجد حالياً ست ورقات بحثية أخرى عن التدابير الداخلية في الطوائف الدينية:

(6) الجزاءات (الرسمية وغير الرسمية) وسبُل الاستنكار (الورقة 29)؛

(7) دور التعليم في الطوائف الدينية والعقائدية (الورقة 30)؛

(8) قدرة وسائل التواصل الاجتماعي على مساعدة العناصر الفاعلة الدينية التي تسعى إلى الحيلولة دون خطاب الكراهية أو إلى الحد منه (الورقة 31)؛

(9) توجيه عناية الزعماء الدينيين إلى أهمية دور الترجمة والمصطلحات في مكافحة خطاب الكراهية (الورقة 32)؛

(10) الأزهر الشريف ومواجهة التطرف وخطاب الكراهية في ضوء المواثيق الدولية (ستُترجم هذه الورقة البحثية من اللغة العربية إلى اللغة الإنكليزية وستنشر في مقتطفات المشروع)؛

(11) أثر التهديد بالملاحقات القضائية النوعية على استخدام الأدوات الأخلاقية والروحية داخل الطوائف الدينية (الورقة 33).

هذا، وليس المقصود أن تكون هذه القائمة جامعة لجميع المواضيع المقرر مناقشتها. فلا تتضمن إلا ما تمكنا من جمعه لدى بذل جهدنا المتواضع المتمثل في إعداد الدراسات العلمية بطريقة جماعية. وكما هو الحال في الجزء الخامس الذي يسعى فيه المشروع إلى إضافة معارف أو تعزيز الفهم أو عرض أفكار جديدة -بوصفها أساساً لتقديم توصيات أو مساهمات في السياسات- نرحب بأي أوراق إضافية تتناول الجوانب المهمة المتمثلة في كيفية (مساعدة) القادة الدينيين على تحسين منع الكراهية الذي يمارسه أعضاء طوائفهم، أو يُمارس باسمها، أو الحد منه، وهي المشكلة الرئيسية التي يُعالجها المشروع. ويمكن توجيه مقترحات الأوراق إلى مركز بحوث وسياسات القانون الدولي عبر البريد الإلكتروني [email protected]. وكما يدل اختيار المتحدثين في البرنامج ورؤساء جلساته، يعد المؤتمر محفلاً متعدد المجالات مخصصاً لاستكشاف جوانب الموضوع بفضل التنوع في الخبراء الدوليين -غير المقتصرين على القانونيين- الذين يجمعهم جهد بحثي جماعي. وينبغي للمساهمين الاطلاع على  خطة عمل الرباط، وإعلان بيروت، والتعهدات الثمانية عشر حول «الإيمان من أجل الحقوق» التي تناقشها الورقة المفاهيمية للمشروع بشيء من التفصيل.

والمتوقع أن يصوغ مشروعنا مجموعة متنوعة من ’الجزاءات غير الرسمية‘ التي يمكن إتاحتها للقادة الدينيين للتعبير عن استنكارهم لتعبير أعضاء طوائفهم الدينية المفعم بالكراهية أو التعبير عنه باسم طوائفهم . ويمكن أن تشمل هذه الجزاءات منع إقامة تجمعات تعبدية أو الحيلولة دون الوصول إلى أماكن معينة للعبادة؛ ومنع العمل في مجالس الإدارة أو في مناصب أخرى في المؤسسات الإنسانية أو التعليمية التابعة للطائفة؛ وعدم التمكين من إمامة الصلاة أو غيرها من أشكال العبادة الجماعية؛ والحرمان من الحق في تقديم مساهمات مالية إلى صناديق (معينة) تابعة للطائفة؛ ووقف التواصل مع بعض الزعماء الدينيين أو وسائل الإعلام؛ ووقف التمتع بحق أداء الحج؛ وتقديم معلومات محددة إلى أفراد آخرين في الطائفة عن السلوك المرفوض المتمثل في التحريض على العنف (فضح الأفعال الشائنة).