معايير تحديد الأولويات ونظام I-DOC وجودة العمل الوقائعي في القضايا المشتملة على جرائم شنيعة
لاهاي، 2 كانون الأول/ديسمبر 2024، 13:15-14:45 (مركز وورلد فورام للمؤتمرات، «أوروبا 1 و2»)
البرنامج | الطبعة الثالثة (2024) من كتاب معايير تحديد الأولويات | الفهرس | ثلاثة مقاطع فيديو للأقسام الأول والثاني والثالث من الفعالية | الصفحة الأصلية لمشروع تحديد الأولويات| كتاب ذو صلة عن القضايا المتراكمة | المبادئ التوجيهية لشبكة مصفوفة القضايا بشأن تحديد الأولويات (باللغات الإنكليزية والفرنسية والإسبانية) | كتاب ذو صلة عن الإجراءات الجنائية الموجزة | كتاب ذو صلة عن المحاكمات ذات المواضيع المحددة | كتاب ذو صلة عن الأدلة القديمة | مكتبة ذات صلة عن مراقبة الجودة في العدالة الجنائية | مكتبة حول شهادة الشهود وإجراء المقابلات معهم | ليكسيتوس | قاعدة بيانات الأدوات القانونية التابعة للمحكمة الجنائية الدولية | I-DOC
تؤدي الطبيعة التكاملية للمحكمة الجنائية الدولية، وتنامي المعرفة بالقانون الجنائي الدولي، وكيفية ارتباطه بالنزاع العنيف والفهم الأكثر واقعية لما يمكن أن تحققه المحكمة حالياً إلى تحول الاهتمام تدريجياً إلى العدالة الجنائية الوطنية فيما يخص أشد الجرائم الدولية خطورةً. وقد نظرت هذه الفعالية، التي عُقدت تحت رئاسة ديفيد دونات كاتين (مركز الشؤون العالمية في جامعة نيويورك)، في ثلاث طرق يمكن بها لخبرة المحكمة الجنائية الدولية وما تقدمه من خدمات، جنباً إلى جنب مع مركز بحوث وسياسات القانون الدولي وشركائه، دعمُ العمل في القضايا الحافلة بالوقائع في النُّظم القضائية الوطنية.
وعُقدت هذه الفعالية على هامش الدورة 23 لجمعية الدول الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية، وقد أقامها مركز بحوث وسياسات القانون الدولي، برعاية من جمهورية كوريا والنرويج، وشارك في رعايتها التحالف من أجل العدالة الجنائية الدولية (CICJ)، ولجنة العدالة الدولية والمساءلة (CIJA)، ومؤسسة مركز القانون الإنساني (FHP)، ومؤسسة الامتثال العالمي للحقوق (GRC)، ومركز قانون حقوق الإنسان (جامعة نوتنغهام)، والاتحاد الدولي لحقوق الإنسان (FIDH)، ولجنة هلسنكي النرويجية، ومنظمة الباحثين عن الحقيقة (Truth Hounds).
وفيها، شدد سعادة السفير النرويجي إيرلينغ ريمستاد في كلمته الافتتاحية على أهمية إيجاد «سبل لتعزيز أوجه التآزر بين الاستثمارات المُحققة في العدالة الجنائية الدولية على مدى سنوات عديدة من جهة، وجهود المساءلة الوطنية من الجهة الأخرى». وقد أكد الدكتور دونات كاتين أن هذا هو الغرض من الفعالية.
استخدام معايير تحديد الأولويات لتقديم أنسب القضايا أولاً إلى العدالة (فيديو)
يمكن لأعضاء فرق الادعاء وضع معايير للاختيار وتحديد الأولويات وتطبيقها، كي تكون طريقة مهنية للتعامل مع القضايا المتراكمة أو الزيادات المفاجئة في أعدادها، وهو ما يحد من خطر تسييس السلطة التقديرية للادعاء. ويساعد تحديد الأولويات على تقديم أنسب القضايا أولاً إلى المحاكمة، ولا يترتب عليه العدول عن اختيار القضايا.
ومن خلال 26 فصلاً (8 فصول جديدة) بقلم 29 مؤلفاً، تقدم الطبعة الثالثة من معايير اختيار قضايا أشد الجرائم الدولية خطورةً وتحديد أولوياتها (549 صفحة، حررها مورتن بيرغسمو)، التي تصدر في هذه الفعالية، معلومات وفيرة وتحليلات متعمقة لوثائق رئيسية وللتحديات العملية التي تواجه اختيار القضايا وتحديد أولوياتها. ويفيد هذا الكتاب الصادر عن دار توركل أوبسال الأكاديمية للنشر الإلكتروني من يسعون إلى وضع معايير للاختيار أو تحديد الأولويات، أو صقل هذه المعايير أو تطبيقها أو نقدها، ويرغبون في التعلم من رؤى الآخرين النيرة أو من الممارسة.
وقد ذكَّرنا سعادة السفير ريمستاد بأن «مساعدة مسؤولي العدالة الجنائية الوطنيين على تحديد أولويات القضايا بطريقة صحيحة [...] قد تؤثر بشدة على التكلفة الإجمالية لعمليات المساءلة عن جرائم الحرب وعلى فعاليتها». وفي سياق المحكمة الجنائية الدولية، شدد المدير السيد ميونغ سونغ (شعبة المعاهدات، وزارة الخارجية الكورية) على أن «المحكمة تواجه عبء عمل متزايداً وسط الموارد المحدودة، ومن ثم، تغذو حتمية التنظيم الاستراتيجي للقضايا وتحديد أولوياتها أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى».
وذكر القاضي إريك موز (القاضي السابق في المحكمة النرويجية العليا، والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا (ورئيسها أيضاً)، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان) ملحوظة مفادها أن الكتاب الذي يجري إصداره «يتناول مسائل مهمة تمس المبادئ، وتهم كل من يشارك في إجراءات المساءلة أو يراقبها». وأشار موز إلى أن «التجربة تدل على فائدة إمعان النظر في المعايير، ذلك أن عملية اتخاذ القرار في الملاحقة القضائية تستند إلى السلطة التقديرية»، منوهاً بأن «القرارات المبكرة قد تكون لها عواقب عملية وعواقب أخرى بعيدة المدى؛ وقد تمر سنوات قبل أن يصبح من الممكن تعديل الاتجاه. فالتحقيق في أشد الجرائم خطورةً معقد ومكلف ويستغرق وقتاً طويلاً. وقد تساعد المعايير في ضمان الاستخدام الأمثل للموارد». واختتم كلمته بالقول إنه «لن يفاجأ إذا ما صدرت طبعة رابعة في المستقبل غير البعيد تتضمن مزيداً من التطورات القانونية في هذا المجال».
وقدمت البروفيسورة والعميدة أولمبيا بيكو (جامعة نوتنغهام) لمحة عامة عن الخطاب بشأن معايير الاختيار وتحديد الأولويات منذ إنشاء الفريق التحضيري للمحكمة الجنائية الدولية (2002-2003)، وسلطت الضوء على الحلقة الدراسية التي عقدها مركز بحوث وسياسات القانون الدولي في عام 2008 بشأن هذا الموضوع، علاوةً على المبادئ التوجيهية لشبكة مصفوفة القضايا التابعة للمركز. وأشارت إلى أن «الجهود التي بذلها مركز بحوث وسياسات القانون الدولي في وضع معايير تحديد الأولويات قد أرست الأساس لتبنِّي مزيد من الطابع الاستراتيجي والفعالية في اختيار القضايا. ونحن فخورون بالدور الذي اضطلعنا به في النهوض بهذا الحوار»، حيث «كنا في طليعة القائمين على وضع المفهوم والإطار العملي لمعايير تحديد الأولويات. وقد أدى التطوير والمناقشات اللاحقة لهذه المعايير في العديد من الولايات القضائية والسياقات، بما في ذلك البوسنة والهرسك وكولومبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، إلى صقل هذا النهج واختباره، وتكييفه مع المشهد القانوني والاجتماعي والسياسي المتنوع».
وأوضح السيد بيتر مكلوسكي (كبير محامي الادعاء في قضايا سريبرينيتسا في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة) بلسانٍ بليغٍ، كما ترون في الفيديو المتعلق بهذا الشق، سبب بغض أعضاء فرق الادعاء المستقلين للقيود الإضافية المفروضة على عملهم الصعب، واحتمال نظر بعضهم إلى المعايير الإضافية من منظور مشابه. وقد شرح هذا الأمر بالتفصيل مبيناً سبب تأييده، رغم ذلك، لاستخدام معايير تحديد الأولويات، وأعرب عن اتفاقه مع النهج الذي اتخذه محرر الكتاب الجديد مورتن بيرغسمو.
وأشار البروفيسور كلاوس كريس (جامعة كولونيا؛ والقاضي الخاص في محكمة العدل الدولية) إلى الكتاب واصفاً إياه بأنه «مجموعة مؤلفة بعناية من العديد من الفصول العديدة الشاملة والعميقة تصل إلى مئات الصفحات»، وذكر أن «مضمونه [...] يأسر لُب كل من يهتم بمستقبل المساءلة عن الجرائم بموجب القانون الدولي بلا شك». ووجَّه انتباهنا إلى عدة فقرات في الفصل الأول من الكتاب منها: «أن معيار «التمثيل» لا يتعلق بما قد نصفه بأنه «إنصاف إيجابي» بين مجموعات مختلفة من المجني عليهم ومرتكبي الجرائم؛ أي أنه إذا وُجهت تُهم، مثلاً، إلى صرب البوسنة والكروات البوسنيين، فيجب توجيهها أيضاً إلى مسلمي البوسنة، وهذا لا يمثل معاملة متساوية للقضايا المتساوية» (الصفحة 24). ومضى قائلاً: «إن الرأي القائل بوجوب توجيه التهم إلى كل طرف في النزاع، مهما كلف الأمر، يحمل في طياته مخاطرة، هي إعطاء الأولوية نفسها للجرائم الخطيرة والأقل خطورة» (المرجع نفسه). وتابع قائلاً: «من المؤسف أن بعض وزارات الخارجية والجهات الفاعلة في المجتمع المدني، التي تدافع بقوة عن جماعةٍ ما - أو ضد أخرى - في النزاع، قد ينتهي بها الأمر إلى الضغط من أجل تحقيق مثل هذا «الإنصاف الإيجابي»، أحياناً عن غير قصد» (الصفحة 25). وسلط القاضي موز أيضاً الضوء على التحذيرات من «الإنصاف الإيجابي» في كلمته السابقة. واختتم البروفيسور كريس كلمته بالقول إن الفقرات التي استشهد بها هي في صميم «الطموح الذي يكمن وراء هذا العمل المهم، إذ إنه لا يطمح إلى إرضاء القارئ، بل إلى إثارة روح التحدي بداخله، لدفعه إلى التوقف لبرهة والتدبر في المبادئ الأساسية التي تقوم عليها منظومة العدالة الجنائية الدولية التي لا تزال حديثة العهد - وهشة - وكيفية المساهمة في استمراريتها على المدى الطويل».
مواصلة تحسين إتاحة مصادر القانون الجنائي الدولي (فيديو)
بغية مساعدة الهيئات القضائية الوطنية على أداء دورها تحت مظلة التكامل، تدير المحكمة الجنائية الدولية قاعدة بيانات الأدوات القانونية التابعة لها ("LTD") الحاصلة على جوائز، علاوةً على ملخصي السوابق القضائية. وأشار سعادة السفير ريمستاد، في بداية الفعالية، إلى كلتا المنفعتين العامتين الرقميتين، إذ قال: «لقد تمتعت المحكمة الجنائية الدولية ببُعد النظر، إذ ابتكرت خدمات مثل قاعدة بيانات الأدوات القانونية التابعة لها، التي ساهمت - بتحقيق أكثر من 50 مليون زيارة سنوية من الجمهور- مساهمةً كبيرةً في تحسين الاطلاع على القانون الجنائي الدولي وزيادة المعرفة به. وثمة أداة أخرى مملوكة للمحكمة الجنائية الدولية، هي ملخصا السوابق القضائية المتعلقان بالجرائم الدولية والمتاحان الآن من خلال منصة ليكسيتوس، ساهمت أيضاً مساهمة إيجابية للغاية في الاستفادة من أحكام المحاكم الجنائية الدولية».
ويقدم هذا الشق من الفعالية معلومات موجزة عن آخر التطورات، بما في ذلك الزيادة الكبيرة التي شهدتها وثائق قاعدة بيانات الأدوات القانونية (أكثر من 338,000 وثيقة)، ونموذج قاعدة بيانات سوابق قضائية وطنية تخص جمهورية أفريقيا الوسطى بُني على منصة قاعدة بيانات الأدوات القانونية، وتحديثات ملخص الأركان وملخص طرق الإثبات، والإصدار الجديد من ليكسيتوس باللغة الروسية. ويمكن مشاهدة مقطع فيديو عن هذا الشق من الفعالية يتضمن شرح ديفاشيش بايس (نائب منسق قاعدة بيانات الأدوات القانونية التابعة للمحكمة الجنائية الدولية)، ود. فولكر نيرليش (رئيس موظفي الدوائر بالمحكمة الجنائية الدولية)، وأنطونيو أنغوتي (منسق ليكسيتوس) هنا. وقد وصف بايس كيف أن قاعدة بيانات الأدوات القانونية تستقبل «63 مليون زيارة سنوية عبر الإنترنت»، وأنها مُنحت العام الماضي جائزة أبحاث قانون الأمم لعام 2023 من الجمعية الأمريكية للقانون الدولي، وأن «مجموعة النُّظم القانونية الجنائية الوطنية بقاعدة البيانات تضم أكثر من 20,000 وثيقة، بما في ذلك عدة آلاف من وثائق المحكمة من قضايا أشد الجرائم الدولية خطورة المرتكبة على الصعيد الوطني»، وأن «أيقونة المشاركة في الجزء العلوي من نتائج بحث قاعدة بيانات الأدوات القانونية تسمح للمستخدمين بمشاركة نتائج البحث والمجموعات التي تتألف منها قاعدة البيانات مع الآخرين من خلال رابط أنيق»، ومضى قائلاً: «أعلى قائمة قاعدة البيانات، تجد زراً يقود المستخدمين إلى صفحة المقاطع الإيضاحية التي توفرها قاعدة البيانات، حيث تجد مقاطع فيديو تعليمية عن استخدام قاعدة البيانات». واستطرد قائلاً: تتضمن قاعدة بيانات السوابق القضائية «ما يقرب من 11,000 نتيجة قانونية، مرتبطة عشرات الآلاف من المرات بكلمات مفتاحية تسهِّل البحث الفعال في فقه المحكمة الجنائية الدولية»، وتحظى قاعدة بيانات الأدوات القانونية «بمساعدة مقدمة من أكثر من 40 شخصاً حاصلاً على درجة زمالة شبكة مصفوفة القضايا»، ولكن فريق قاعدة البيانات «لا يكتفي بهذه الإنجازات، بل يعمل باستمرار على توسيع نطاق محتوى قاعدة البيانات وتحسين واجهة استخدامها».
وبعد أن تابع الدكتور نيرليش قائلاً إن موضوع قاعدة بيانات الأدوات القانونية قريب من قلبه حقاً، أكد على «مدى أهمية وجود قاعدة بيانات الأدوات القانونية بوصفها مورداً قانونياً متاحاً بالمجان للجميع ولأي شخص لديه اتصال بالإنترنت»، موضحاً أنه شاهد ذلك بنفسه أثناء عمله في الدوائر الاستثنائية في محاكم كمبوديا في كمبوديا والمحكمة الجنائية الخاصة في جمهورية أفريقيا الوسطى. وأوضح أيضاً كيف قررت المحكمة الجنائية الخاصة «الدخول في شراكة مع مركز بحوث وسياسات القانون الدولي وقاعدة بيانات الأدوات القانونية»، وتصميم «واجهة استخدام خاصة بالمحكمة الجنائية الخاصة توضع، كما ترون، على رأس قاعدة بيانات الأدوات القانونية، وتستخدم تقنيتها، ويضطلع مشروع قاعدة بيانات الأدوات القانونية بتشغيلها وتعهدها بالعناية». وأعرب عن أن هذا «في الواقع مثال جيد للغاية، وربما أيضاً للمؤسسات المشابهة الأخرى التي قد نراها في المستقبل، والتي يمكن أن تدخل بهذه الطريقة أو بطريقة مشابهة في علاقات شراكة مع قاعدة بيانات الأدوات القانونية»، لعدة أسباب، منها (1) أنها حل فعال وغير مكلف للهيئات القضائية الوطنية؛ (2) وأن قاعدة بيانات الأدوات القانونية ستحوز المستندات ذات الصلة على أي حال لأنها تتعلق بالقانون الجنائي الدولي؛ (3) وأن قاعدة بيانات الأدوات القانونية ستعمِّر أكثر من الهيئات القضائية الخاصة أو المحاكمات المحلية المحدودة زمنياً المتعلقة بجرائم الحرب.
وأشار أنغوتي إلى أن منصة التعلم الإلكتروني ليكسيتوس - التي تضم موارد شاملة باللغات الإنكليزية والفرنسية والعربية، وجزئياً باللغتين الفارسية والإسبانية - تستقبل الآن أكثر من خمسة ملايين زيارة سنوياً، وهو ما يتجاوز توقعات المشروع. وشرح التطورات الرئيسية في عمل ليكسيتوس منذ وقت انعقاد الجمعية الثانية والعشرين للدول الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية، التي حصرها في الآتي: (1) حُدِّث ملخص الأركان وملخص طرق الإثبات وموارد معلومات السوابق القضائية، مع تحديث عدد كبير من الأحكام القضائية الوطنية المتعلقة بجرائم الحرب (بما في ذلك أحكام واردة من جمهورية الكونغو الديمقراطية وألمانيا)، وهي عملية لا تزال مستمرة؛ (2) ويضطلع فريق مكون من حوالي 50 رجل قانون بتحديث شرح ليكسيتوس لشرح قانون المحكمة الجنائية الدولية باستمرار؛ (3) ويجري إعداد نسخة روسية من ليكسيتوس، على أن تصدر ملامحها الأولى في غضون أسابيع من انعقاد الفعالية؛ (4) وستوفر الواجهة الخلفية التقنية الجديدة لليكسيتوس للمستخدمين إمكانية الربط التشعبي مباشرةً بفقرات محددة في الأحكام اعتباراً من عام 2025 فصاعداً (حيث سيكون للملخصَين ما يُسمى بالعُقَد وصولاً إلى مستوى النص المقتبس). وعلق قائلاً: «مع هذا التطور التقني القادم، سيحصل كل نص مقتبس من كل قرار على رمز فريد من نوعه».
تعزيز العمل الوقائعي في القضايا المشتملة على جرائم شنيعة: تجارب باستخدام نظام I-DOC في العراق وأوكرانيا (فيديو)
للمساعدة على تكوين تصور عام منظم من الناحية القانونية للمعلومات الوقائعية ودعم عملية إعداد القضايا بطرق متعددة، طورت شبكة مصفوفة القضايا نظام I-DOC اعتماداً على مصفوفة قضايا المحكمة الجنائية الدولية. ويُستخدم نظام I-DOC في العديد من مشروعات تقصِّي الحقائق لدى جهات منها لجنة هلسنكي النرويجية. وقد ناقش هذا الشق من الفعالية تجارب استخدام النظام في العراق وأوكرانيا والطاقات الكامنة فيه. وذكر سعادة السفير ريمستاد ملحوظة مفادها أن «تزويد لجان تقصِّي الحقائق والمحققين ببرمجيات مجانية مثل I-DOC، للحفاظ على إمكانية الاطلاع على كميات هائلة من المعلومات الوقائعية والأدلة المحتملة والتعامل معها، قد يعزز من جودة إجراءات العدالة المتخذة على الصعيد المحلي في سياق جرائم الحرب».
وقد أعرب غونار إكيلوف-سليدال (مدير التحالف من أجل العدالة الجنائية الدولية؛ ونائب الأمين العام للجنة هلسنكي النرويجية) عن موافقته على المبادئ التوجيهية المتعلقة بأعمال التوثيق التي يضطلع بها المجتمع المدني الصادرة عن مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وشبكة الإبادة الجماعية التابعة ليوروجوست، بيد أنه أشار إلى أن هذا ينبغي «ألَّا يثني منظمات المجتمع المدني عن الانخراط في أعمال التوثيق، إذ يعترف النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة 15(2) بدورها الذي لا غنى عنه، وفي كثير من الحالات ستكون معرفتنا ضئيلة، لولا أعمال التوثيق التي تضطلع بها منظمات المجتمع المدني». ووصف النهج الشامل الذي وضعته لجنة هلسنكي النرويجية - بما في ذلك «تجهيز منظمات المجتمع المدني المحلية للمشاركة في مشاريع التوثيق»، وتطبيق «نهج قائم على الوقائع يسترشد بالمعايير القانونية وليس المخاوف السياسية» - و«يعتمد على أدوات تكنولوجيا المعلومات، مثل نظام توثيق التحقيقات (I-DOC) الذي صممته شبكة مصفوفة القضايا التابعة لمركز بحوث وسياسات القانون الدولي». واستناداً إلى «كميات هائلة من المعلومات المُحصلة من الشركاء المحليين والمصادر الأخرى، مثل وسائل التواصل الاجتماعي والمجلات العسكرية والمجموعات الخاصة»، و«التقارير الواردة من المنظمات الدولية وقرارات الاتهام والأحكام القضائية والوثائق القانونية الأخرى»، «يساعدنا نظام I-DOC في إنشاء خرائط زمنية وروابط بين الحوادث والمواقع والوحدات العسكرية وفرادى القادة والمجني عليهم». وفي ختام كلمته اللافتة، قال: «نحن لا نتلف أدلة المدعي العام، بل نجعلها أكثر ثراءً».
وأوضح إيليا أُتميلديزا (مدير شبكة مصفوفة القضايا بمركز بحوث وسياسات القانون الدولي)، ومبتكر نظام I-DOC، أنه «أداة تمكِّن الممارسين من تنفيذ مهامهم اليومية. كما أنه يحتوي على جميع الوظائف الأساسية التي تمكِّن المستخدمين من العمل في مجالات التوثيق والتحقيق والتحليل وإعداد القضايا والمحاكمة والإجراءات اللاحقة». وأشار إلى أن «الميزة الرئيسية» لنظام I-DOC هي أنه من إعداد «قانونيين يركزون في المقام الأول على القانون الجنائي الدولي - فهو يحتوي على إطار عمل وتصنيف ومنطق عمل مدمج يخص القانون الجنائي الدولي». ويتيح أيضاً القدرة على «تنظيم كميات كبيرة من الوثائق والأدلة، ورسم خرائط للحوادث الجنائية والوقائع السياقية، والوقوف على الروابط القائمة بين المشتبه فيهم والمؤسسات المعنية، وفهرسة بيانات المجني عليهم والشهود، والأعيان المشمولة بالحماية، وغيرها من الظروف الواقعية ذات الصلة. ويمكن بسهولة استعراض مكونات قاعدة البيانات، بل أيضاً تحديد مختلف الأنماط والعلاقات والبحث عنها وتحليلها». وأشار، متطلعاً إلى المستقبل، إلى «أننا نجحنا في اختبار نماذج الذكاء الاصطناعي، ونتطلع إلى فرص لتوفير هذه الأدة للممارسين».
وضرب القاضي أيمن مصطفى (رئيس هيئة التحقيق وجمع الادلة والمعالجة بالعراق) الذي استعان بنظام I-DOC في الاضطلاع بولايته، أمثلة على كيفية تسهيله لعمل لجنته، فقال: «باتت الهيئة قادرة الآن على معالجة كميات كبيرة من الأدلة الكبيرة وتحليلها. وعقب إغلاق فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش (يونيتاد)، تلقى فريق التوثيق والأرشفة التابع للهيئة العناصر الثلاثة المنفصلة للأدلة التي قدمتها سلطات إقليم كردستان العراق، والتي سبق لفريق يونيتاد تحويلها إلى صيغة رقمية. وقد شملت هذه الأدلة البيانات الأولية والمعالجة التي تحتوي على معلومات عمَّا يقرب من 900 مشتبه فيهم يُفترض أنهم أعضاء في [معدل لغرض التمويه]، والتي يعالجها فريقنا داخل نظام I-DOC. وستربط الهيئة هذه المعلومات بمعلومات المشتبه فيهم الموجودة والمُفهرسة بالفعل في نظام I-DOC، وسوف تساعد في توجيه أنشطة التحقيق والتحليل المستقبلية بالإضافة إلى برنامج طلب المساعدة». ويوضح مثال ثانٍ «القدرة التحليلية التي أتاحها نظام I-DOC للفريق التحليلي التابع للهيئة، الذي بات الآن قادراً على تصنيف الأدلة وتحليلها لتحديد الأنماط وتطوير الهيكل الوقائعي والتحليل القانوني»، وهو ما يدعم كذلك «مهمة الإعادة إلى الوطن الجارية الرامية إلى إعادة رفات المجني عليهم من مقابر جماعية متعددة من خلال ربط سجلات الأشخاص المفقودين الموجودة بالأدلة الوقائعية الأخرى، التي عولجت بالفعل في نظام I-DOC». وعلاوةً على ذلك، يوفر نظام I-DOC «قاعدة دعم متينة لبرنامج طلب المساعدة الذي نجحنا من خلاله في إقامة علاقات مع أجهزة إنفاذ القانون المهمة في الدول الأخرى. ودعماً لولايتنا، لا ييسر النظام مهام البحث والتحليل المترتبة على هذا الطلب فحسب، بل يسمح أيضاً بالاحتفاظ بسجلات دقيقة ترصد تفاصيل كل عملية من عمليات طلب المساعدة».
وتحدثت فالنتينا سولوفيوفا ويوري أورين (رئيسة قسم التحليل والخبيرة القانونية بمنظمة الباحثين عن الحقيقة) عن تجربة منظمتهما في استخدام نظام I-DOC في عملها بالتعاون مع لجنة هلسنكي النرويجية. فصرحت قائلةً: «يعتمد عملنا إلى حدٍّ كبير على أدوات مثل نظام I-DOC، الذي يساعد في هيكلة المعلومات الوقائعية في صيغ قابلة للاستخدام القانوني. ومن خلال هذا الحل التقني، وبدعم من شريكنا لجنة هلسنكي النرويجية، ومساعدة وإلهام إيليا أُتميلديزا، مبتكر نظام I-DOC، يمكننا الإجابة بثقة عن أسئلة مثل «هل يمكن الوثوق بالسجل؟» و«هل يمكن أن يصمد هذا الدليل أمام المحكمة؟». وأوضحت أن المواد التي جُمعت «تُقسَّم إلى معلومات أصغر، ثم تُنظَّم وتُفرز وتُكيَّف لتلبية المتطلبات المحددة للصيغ المختلفة». وأضافت أورين أن نظام I-DOC ساعد في التحقيق القائم على اقتفاء الأنماط، بما في ذلك «قضايا العنف الجنسي والتعذيب المرتبطة بالنزاع».
وعرض إيليا نوزوف (القائم بأعمال رئيس مكتب العدالة بالاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، وهو أحد المشاركين في رعاية الفعالية ) بعض الرؤى النيرة المُستقاة من «عمله مع أعضاء وشركاء الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان في جهود التوثيق على مدى السنوات السبع الماضية». وأشار إلى أنه حتى وإن كانت منظمات المجتمع المدني «قد وسَّعت جهودها في التوثيق إلى مستوى غير مسبوق من الاحترافية، فلا تزال هناك بالطبع العديد من التحديات التي تؤثر على جودة توثيقها: ما يمكن أن أصفه بالتحديات المتعلقة بالموارد، والتحديات المنهجية، وتحديات التنسيق، والتحديات الأمنية. ومما يُؤسَف له أن بعض هذه المشاكل تتفاقم بسبب مؤسسات العدالة الدولية نفسها والجهات المانحة». وأضاف قائلاً «عندما نتحدث عن تحديد الأولويات، يُستحسن أيضاً أن يعرف القائمون على التوثيق والمنظمات غير الحكومية المحلية ما أولويات المؤسسات الدولية، حتى يتمكنوا من قياس منهجيتها لاستهداف تلك المؤسسات بعينها».
وأخيراً، اختتم د. ويليام هـ .ويلي (مدير لجنة العدالة والمساءلة الدوليتين) الفعالية بالإشارة إلى أنه «على دراية كبيرة بالأدوات ومبادئ تحديد الأولويات واختيار القضايا» التي نوقشت في هذه الفعالية. وأشار إلى ليكسيتوس ومصفوفة قضايا المحكمة الجنائية الدولية بوصفهما «أداة منقذة للحياة»، موضحاً كيف استُخدمت الملخصات أمام المحكمة العراقية العليا في القضايا التي لم تشهد عقوبة الإعدام. وسلط الضوء على مساهمات مركز بحوث وسياسات القانون الدولي وشبكة مصفوفة القضايا التابعة للمركز وشبكة الإبادة الجماعية التابعة ليوروجوست في المساعدة على رفع القدرات على المستوى المحلي، حيث أشار إلى أن مستقبل القانون الجنائي الدولي يكمن فيه. وثمة مسألة مهمة تتمثل في قابلية تحقيق التشغيل البيني بين مختلف الجهات الفاعلة في هذا المجال. وتكتسب هذه الأدوات أهمية خاصة على الصعيد المحلي وفي العلاقات بين الجهات الفاعلة. واختتم كلمته بالقول إن: «الأدوات والمبادئ التي قُدمت اليوم مهمة للغاية لتهيئة واقع قابلية التشغيل البيني والحفاظ على المعايير أو، كما يطلق عليها مورتن [بيرغسمو] منذ سنوات، مراقبة الجودة».
وفي معرض ربطه بين المناقشة الدائرة حول مراقبة الجودة ومفهوم «فجوة الإفلات من العقاب»، اختتم د. دونات كاتين، رئيس الفعالية، كلمته بالتأكيد على أهمية الأدوات التي نوقشت لتقليص ما يُسمى اليوم «فجوة كبيرة للغاية في الإفلات من العقاب».
تنتهي هذه الصفحة بتذكير وثيق الصلة صرح به السفير ريمستاد جاء فيه: »بالأمس، استضافت النرويج مأدبة عشاء تكريما للسيد آلان تيجر، الحاصل على جائزة محمود شريف بسيوني للعدالة. وتعد إنجازاته التي حققها لدى اضطلاع بدور أحد أعضاء فريق الادعاء باجتهاد لا مثيل له وتفانيه الملحوظ لعدد من أشد قضايا جرائم الحرب أهمية منذ تسعينيات القرن العشرين بمثابة مصدر إلهام للجميع في هذا المجال، وتعد كذلك تذكير بأهمية الجودة في إعداد القضايا وعرضها لاستكمال مسيرة نجاح لعدالة الجنائية الدولية.» (أُضيف التوكيد بإمالة الخط). فالعدالة الجنائية إزاء أشد الجرائم الدولية خطورةً إنما تعتمد على القضايا نفسها وعلى سمو معايير العمل الأخلاقية، والنزاهة ومراقبة الجودة.